انسحبت حركة النهضة من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة و كان ذلك أضعف الإيمان للتعبير عن رفضها لم يتم تداوله داخل الهيئة بعدما انحرفت هذه المؤسسة عن اهدافها التي بعثت من أجلها و أصبحت تنظر و تؤسس لفكر و أديولجية لون سياسي معين لم يعكس يوماً إرادة الشعب أو عبر عن مطالبه و طموحاته.
هيئةً عليا يسيطر عليها تيار اليسار المتطرف المتمثل خصوصاً في حركة التجديد و جمعية النساء الديمقراطيات اللذان لم يكن لهما يوماً في البلاد حظاً سياسياً أو قاعدة شعبية تذكر و هذا ليس فيه أي مبالغة أو إفتراء على هذين الطرفين فالجميع يعلم أنهما كانا أبواقاً لسياسات المخلوع مهمتهما لا تتجاوز دعم و تزكية سياسات بنفسجية و إضفاء الشرعية على إنتخاباتٍ هزلية. يسعى هذا التيار الرجعي المتطرف بكل قوة و بدعم من رئيس الهيئة إلى فرض أفكاره و مبادئه على جميع الأطراف و من ثم الزامهم بها لأنه يعلم بكل تأكيد أن لا مكان له ضمن أطراف القرار في صورة إنتخابات حرة و نزيهة لمجلس تأسيسي يشرف على تنظيم الحياة السياسية و يضع أسس جديدة لدولة مدنية و حديثة. يسعى هذا التيار اللاوطني صلب هذه الهيئة جاهدا قبل أن يسحب البساط من تحت قدميه إلى تناول أكبر عدد ممكن من المسائل و مشاريع القوانين (و التي هي ليست من صلاحيات الهيئة) حتى يضيق الخناق على منافسيه و لا يترك لهم الفرصة لتناول المسائل الأساسية و المصيرية للبلاد بعد إنتخاب المجلس التأسيسي.
لأن العقار لا ينفع فيما أفسده الدهر، و لأن هذه الهيئة أصبحت تشرع لبرامج و أديولجيات اعدت مسبقاً في مكاتب بعض الأحزاب و الجمعيات، و لأنها لا تقبل بالشهادة على عملية تزييف تاريخية لإرادة الشعب، كان الإنسحاب الخيار الأمثل و الوحيد لحركة النهضة للتعبير عن رفضها لمحاولات الإلتفاف على ثورة الشعب.
شهادة القاضي مختار اليحياوي على تركيبة الهيئة