السبت، 17 نوفمبر 2012

وفاة مواطن تونسي من الدرجة الثانية



المرحوم بشير القلي

إذا كنت مواطنا من الدرجة الأولى فهذا الخبر لا يهمك.

إنتقل إلى ذمة الله يوم أمس الخامس عشر من نوفمبر 2012 بمستشفى شارنيكول بالعاصمة الشاب بشير القلّي ذو الثلاث و عشرون ربيعاً المعتقل على اثر أحداث السفارة الأمريكية بعد إضراب عن الطعام في معتقلات وزارة الداخلية دام سبع و خمسون يوما. المرحوم بشير القلي دخل في إضراب عن الطعام بسبب سوء المعاملة و تقاعس السلطات المعنية في تعيين جلسة محاكمة في غياب أي تهمة موجهة له. الحادثة بطبيعة الحال سوف تمر مرور الكرام و لن يولى لها أي إهتمام بما أن الضحية ليس مواطنا من الدرجة الأولى فحياته و مماته أمران سواء. لن أتكلم على ردة فعل التونسيين أصحاب الدرجة الأولى و لا عن شجبهم و استنكارهم لممارسة وزارة الداخلية التي أدت إلى وفاة الشاب بشير فؤلائك يفعلون "كمن يقتل الميت ثم يمشي في جنازته". لا علينا، فليفعلوا ما يشاؤون فهم أسياد البلد و أصحاب الدرجة العليا فيه. هذا الواقع المرير في الحقيقة هو ما جرته علينا "حكومة الثورة" فبدل الإسراع في القيام بالإصلاحات الضرورية صلب الوزارات و مؤسسات الدولة و تطهيرها من ازلام النظام السابق و رؤوس الإجرام و الفساد انصرفت إلى مناظرة خصومها في حوارات حماسية و ساخنة لإثبات شرعيتها و جدارتها بقيادة تونس و كأن وجودها في الحكم لم يكن نتيجة إنتخابات حرة و نزيهة لم يشكك فيها حتى ألد معارضيها. قتل الشاب بشير لأن لا صوت يدافع عنه في بلده المغتصب. لأن أولئك الذين انتخبهم منذ ما يزيد عن سنة و أولى لهم أمره قدموه قربانا إلى جهات داخلية و خارجية ليستمروا في الحكم أكثر. مات بشير لأن ولاة أمره لا إرادة سياسية و لا عزيمة لديهم في إصلاح ما هلك، و لا في زرع (فرض) قيم العدل و المساواة بين مواطنيهم. بل و كأني بهم يقتصون لأنفسهم لم فعله بهم دكتاتور العهد البائد و جلاديه الذين ما يزالون في مكاتبهم و مناصبهم يمارسون ما جبلوا عليه. فكنت أنت و اخوانك الضحية. تغمدك الله أخي بواسع رحمته و اسكنك فردوس جنته و ألهم أهلك و ذويك الصبر و السلوان.
ملاحظة: هناك مواطناً آخر من نفس الدرجة يدعى محمد بختي دخل في حالة غيبوبة خطرة بعد اضرابه عن الطعام لنفس الأسباب التي اضرب من أجلها المرحوم بشير القلي. نسأل الله له الشفاء العاجل. 
 

هناك 7 تعليقات:

  1. أنا لا اعتبر المرحوم البشير القلي مواطنا من الدرجة الثانية مهما كانت اعتراضاتي على منطلقاته الايديولوجية او السياسية. هو ضحية جهل و ضحالة وزراء النهضة الذين لا يعرفون حتى كيف تدار اضرابات الجوع..لانها المرة الولى يموت فيها مضرب جوع في تونس...كان من الضروري احترام الحرمة الجسدية للمرحوم و تمكينه من محاكمة عادلة.بالرغم من معارضتي الشديدة لما فعله محمد البختي في كلية الاداب منوبة..اتمنى له الشفاء العاجل

    2012/11/17 9:23 ص

    ردحذف
  2. موضوع رائع , الف شكر لك

    ردحذف
  3. شكراً لكم جميعاً و دمتم متابعين أوفياء

    ردحذف

تعليقك يعكس مستواك. كل التعاليق مرحب بها ما عدا التي تحتوي على ألفاظ بذيئة أو شتم أو إعتداء على الدين أو على الذات الإلهية.