![]() |
المرحوم بشير القلي |
إذا كنت مواطنا من الدرجة الأولى فهذا الخبر لا يهمك.
إنتقل إلى ذمة الله يوم أمس الخامس عشر من نوفمبر 2012 بمستشفى شارنيكول بالعاصمة الشاب بشير
القلّي ذو الثلاث و عشرون ربيعاً المعتقل على اثر أحداث السفارة الأمريكية
بعد إضراب عن الطعام في معتقلات وزارة الداخلية دام سبع و خمسون يوما.
المرحوم بشير القلي دخل في إضراب عن الطعام بسبب سوء
المعاملة و تقاعس السلطات المعنية في تعيين جلسة محاكمة في غياب أي تهمة
موجهة له. الحادثة بطبيعة الحال سوف تمر مرور الكرام و لن يولى لها أي
إهتمام بما أن الضحية ليس مواطنا من الدرجة الأولى فحياته و مماته أمران
سواء. لن أتكلم على ردة فعل التونسيين أصحاب الدرجة الأولى و لا عن
شجبهم و استنكارهم لممارسة وزارة الداخلية التي أدت إلى وفاة الشاب بشير
فؤلائك يفعلون "كمن يقتل الميت ثم يمشي في جنازته". لا علينا، فليفعلوا
ما يشاؤون فهم أسياد البلد و أصحاب الدرجة العليا فيه. هذا الواقع المرير في
الحقيقة هو ما جرته علينا "حكومة الثورة" فبدل الإسراع في القيام
بالإصلاحات
الضرورية صلب الوزارات و مؤسسات الدولة و تطهيرها من ازلام النظام السابق و
رؤوس الإجرام و الفساد انصرفت إلى مناظرة خصومها في حوارات حماسية و ساخنة لإثبات
شرعيتها و جدارتها بقيادة تونس و كأن وجودها في الحكم لم يكن نتيجة
إنتخابات حرة و نزيهة لم يشكك فيها حتى ألد معارضيها. قتل الشاب بشير لأن
لا صوت يدافع عنه في بلده المغتصب. لأن أولئك الذين انتخبهم منذ ما يزيد عن
سنة و أولى لهم أمره قدموه قربانا إلى جهات داخلية و خارجية ليستمروا في
الحكم أكثر. مات بشير لأن ولاة أمره لا إرادة سياسية و لا عزيمة لديهم في إصلاح ما هلك، و
لا في زرع (فرض) قيم العدل و المساواة بين مواطنيهم. بل و كأني بهم يقتصون
لأنفسهم لم فعله بهم دكتاتور العهد البائد و جلاديه الذين ما يزالون في
مكاتبهم و مناصبهم يمارسون ما جبلوا عليه. فكنت أنت و اخوانك الضحية. تغمدك الله أخي بواسع رحمته و
اسكنك فردوس جنته و ألهم أهلك و ذويك الصبر و السلوان.
ملاحظة:
هناك مواطناً آخر من نفس الدرجة يدعى محمد بختي دخل في حالة غيبوبة خطرة
بعد اضرابه عن الطعام لنفس الأسباب التي اضرب من أجلها المرحوم بشير
القلي. نسأل الله له الشفاء العاجل.