الاثنين، 7 فبراير 2011

نقطة نظام

تشهد  بلادنا هذه الأيام حراك سياسي نشيطاً نظراً لطبيعة المرحلة الإنتقالية التي تمر بها البلاد و سعي الحكومة المتواصل لتحقيق الإستقرار السياسي و الإجتماعي إضافة إلى تحرر  الأحزاب السياسية و المنظمات الحقوقية من القيود التي كانت مفروضة على نشاطاتها و تحركاتها خلال العهد السابق فأخذ كل حزب ينظّر لأفكاره و مبادئه سعياً لجلب الأنصار و المحبين لتوسيع قاعدته الشعبية. و في خضم هذه الأحداث تظهر حملة غير مسبوقة على الإسلام و خاصةً السياسي منه تبرز من خلال  صفحات الفيسبوك و تصريحات بعض الأشخاص على وسائل الإعلام التونسية، و قد أوقد شرارة هذه الحملة الإستقبال الجماهيري الحاشد الذي استقبل به زعيم حركة النهضة (التيار الإسلامي سابقا) راشد الغنوشي عند عودته من منفاه الإختياري في لندن بعد غياباً دام أكثر من عقدين معلناً بذلك عن بداية تغيرٍ في الخارطة السياسية التونسية.


ما لفت انتباهي هو وجود بعض الأشخاص على الفيسبوك المتفرغين أساساً للإساءة إلى الحركة الإسلامية في تونس و رموزها أمثال هذا الشخص الذي ما إنفك ينشر اعلاناته التافهة على جدران مختلف كبريات الصفحات التونسية  إلى درجة إثارة إزعاج بعض الأعضاء:






ليس من الصعب التعرف على الإنتماء الحزبي لهذا الشخص الذي لم يدخر جهداً في الإساءة للإسلاميين و رموزهم في تونس أو في الخارج إلى حد وصول التناقض في أقواله،  فتارةً يفتخر بالتخلص من حزب التجمع و تارةً أخرى يدعو إلى احيائه و يرفع من همم انصاره للقضاء على الإسلاميين قبل أن يتسنى لهم تنفيذ كما يدعي "المشروع الخميني" في تونس، فالإنفصام الفكري لهذا الشخص بادياً بوضوح في تعالقيه و مرده الأساسي الخوف الشديد من مشاركة الإسلاميين في الحياة السياسية في تونس و خاصةً أنها تملك قاعدة شعبية ضخمة أثارت حفيظة الطبقة العلمانية في البلاد. فلا يمكن لهذا الشخص إلا أن يكون إما جاهلاً  بالمرجعية الفكرية و توجهات الحركة الإسلامية في تونس أو أنه صاحب "إديولجية" فكرية علمانية اقصائية متطرفة تهدف إلى  إقصاء فئة معينة من المجتمع لإختلاف الرؤى و التوجهات...    
و يبدو أن حتى الطبقة "المثقفة" قد انخرطت في هذه الحملة (و في الحقيقة هي أكثر فئة معنية بالمواجهة) فلم تتوانى في مهاجمة الاسلاميين و الإدعاء عليهم (الفيديو الأول) حتى وصل بإحداهن الحد إلى شتم الصحابة (الفيديو الثاني) و كل ذلك كان على الهواء مباشرة في قناة حنبعل:



فلا يمكن أن نعتبر كلام الجامعية سلوى الشرفي نتاج جهلٍ بإديولجية و مبادئ الحركة الإسلامية في  تونس أو بسيرة الصحابة و الخلفاء رضي الله عنهم فهي كما ذكرنا جامعية و على درايةً تامة بمبادئ و أفكار الحركة الإسلامية و بتاريخ الخلافة الإسلامية وذلك بحكم مستواها العلمي و مواكبتها للمشهد السياسي الحالي في تونس و لكنها تريد و بصفة غير مباشرة الإساءة للحركة الإسلامية في تونس بنعتهم ب"حزب العورة" و وصفها الصحابي معاوية رضي الله عنه بالطاغية (وهذا لا يستحق الرد حفاظاً على مستوى المقال) فكأنها تقول لنا بأن الحكم في الإسلام و منذ قديم الزمان قد تميز بالطغيان و الإستبداد و همه الوحيد لباس المرأة و مظهرها فلا يمكن له الآن أن يخرج عن هذه القاعدة لأن المرجعية واحدة و الفكر نفسه و سيؤدي بنا في نهاية المطاف إلى نظام الخلافة و من ثم دولة دينية تقيد الحريات و تطبق الشريعة فعلين إذاً الحذر كل الحذر و عدم اعطائهم الفرصة لتحقيق ذلك. 
فلا طالم استفادت هذه الأقلية من النظام السابق في ضرب الحركة الإسلامية و استئصالها من الحياة السياسية في البلاد فإنها اليوم تجد نفسها في مواجهةً مباشرة مع حركة في غاية التنظيم مستفيدةً من كفاءات قياداتها و من اخطائها في الماضي و مرتكزة على قاعدة شعبية واسعة أثارت ذعر منافسيها، فلا عجب أن نر مثل هذه التصريحات من فئة عجزت عن إيجاد أنصاراً لها في غياب مشروعاً وطنياً شاملاً يأخذ بعين الإعتبار واقع المجتمع و خصوصياته التاريخية و الحضارية...
فقوام الديمقراطية و اساسها هو الإختلاف و اشراك الجميع دون إستثناء و لا إقصاء، لكلٍ أفكاره و برامجه في منافسةٍ تعددية و شريفة دون الإساءة للأخر مهما كانت درجة الإختلاف معه، و الغلبة لمن رشح الجمهور كفته.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك يعكس مستواك. كل التعاليق مرحب بها ما عدا التي تحتوي على ألفاظ بذيئة أو شتم أو إعتداء على الدين أو على الذات الإلهية.