أن تعارضوا حركة النهضة أو الحزب الحاكم بصفة عامة فهذه
ليست بدعة في القرن الواحد و العشرين بل هو من أسس النظام الديمقراطي
خصوصاً إذا كان جزءًا من الشعب قد أرادكم لهذه المهمة. و لكن الشيء الذي عييت في
فهمه و لم أجد له تفسيراً هو من أي منطلق و تحت أي دعوى تعارضون شريعة ربّ
العالمين و تبتغون غيرها حكما و تشريعا.
إن كنتم تعتقدون
أن الدين أو التدين شأنٌ خاص و أن الدولة كيان عام يحضن الجميع على اختلافاتهم يوجب عليها لزوم الحياد فأعلم صديقي أن ديننا الإسلام و ليس دين أولئك الذين نقلت عنهم
إِمَّعَةً قيم الحداثة و التقدم فأفقدوك أصلك و أصالتك و أنسوك تاريخ و
حضارة ودّ كثير منهم لو كان له فيهما نصيب. و أعلم -هداك الله- أن ربّ
العالمين قد إستخلفك في هذا الكون كي تحكم بشريعته حاكماً كنت أو محكوماً و
الأيات القرآنية و الأحاديث النبوية في هذا السياق عديدة و صريحة و لكني
سأكتفي بنقل ما كتبه الإمام الزيتوني الوسطي المعتدل الشيخ الطاهر بن عاشور
رحمه الله في كتابه نقد علمي للإسلام و أصول الدين في الصفحتين 24 و 25 " و
كيف يستقيم أن يكون الإسلام شريعة ثم لا يكون له حكومة تنفذ تلك الشريعة؟ و
تحمل الراعي و الرعية على العمل بها! فإنه لو وكل الأمر لإختيار الناس
لأوشك أن لا يعمل بها أحد." إنتهى.
فإن كنت مؤمناً حقاً بما أنزل الله فكيف
تخشى أن تكون شريعته مصدراً للتشريع في دستور شعبٍ مسلم و أصيل. و إن كنت صديقي -هداك
الله إلى سواء السبيل- غير ذلك فاعلم أن هذا الشعب قد وكلك نائباً عنه في
مجلسه التأسيسي لتعكس إرادته و ليس لكي تستثني عقيدته من الوثيقة التي كلفك بصياغتها.
إذا أردتم نظام ديمقراطي نزيه و مجتمع حر و كريم تسوسه قيم العدل و المساواة و
تنمية إقتصادية و بشرية عادلة و متكافئة فهذا قبل أن يكون أملكم هو هدفنا و
محور نضالنا منذ أن ضلت السفينة السبيل أواسط القرن المنصرم فتاهت بين
أمواج المتوسط فما بلغت شواطئه الشمالية و لا أرست على ضفافه الجنوبية. نحن
لا نملك الحقيقة و لا ندعي الحكمة أو العصمة و لكن دليلنا في التغيير و الإصلاح غير الذي تعتمدون. نحن نمثل إرادة شعب مسلم حر
نسعى أن نكون خير المستخلفين على أرض ربّ العالمين. على هذه الأرض التي خلقت مسلمة و
ولد شعبها مسلم -حكومةً و محكوماً- و سيبقيا كذلك إلى أن يرث الله الأرض و من عليها.